ابد من اتباع طريقة تبليغ القيم والمفاهيم العلمية والتربوية بعيداً عن الأسلوب التقليدي الذي يعتمد على الحفظ المجرد ويعتمد على النظريات البالية فهذا التعليم الذي نعانيه ونعاني من نتائجه : ضئيلاً ، ضعيفاً لأنه يعتمد بشكل كبير على السلطة أكثر مما يعتمد على الحكمة .
إن التربية العالية الراقية كانت حلم المصلحين منذ أقدم العصور، وانا لنرى من هذا الجيل ما تطأطئُ له الرؤوس ، لايفقه علماً ، ولايتحمل مسؤولية عقول خاوية ، يعيشون على هامش الحياة بجهلهم واتكالهم ، وان لم نسارع بعون الله على انقاذهم فإن ذلك سيجر عليهم وعلى أبناءهم ويلات لاحصر لها
فالأزمة ليست أزمة برامج ولاهي أزمة مناهج ، بقدر ماهي أزمة طرق تعليمية ووسائل تربوية ..
وهنا لابد أن يعتمد التعليم على مادتين مهمتين :
1)المضامين والقيم والمثل التي تقوم عليها المادة .
2)شخصية المعلم أو المعلمة ومدى تشبعهما بهذه المثل ، ومدى تأثر سلوكهما بها.
فالذي جعل الوجهة التي حُوربت من خلالها التربية الإسلامية في المغرب أنه أًدخل إليها أساتذة غير مختصين في هذه المادة ، بل أساتذة لايمثلون القدوة الإسلامية قد تجد منهم المدخنين ، والسكارى ، والمعربدين بل والملاحدة أحياناً .
حتى يقال هذا هو الإسلام . فلابد من إصلاح مناهج التعليم والمعلمين ، وأن توكل الى أشخاص بعينهم خبراء في المجال التربوي والإسلامي معاً .
إن الأخذ بسياسة التخطيط في مجال التربية والتعليم ، تعتبر ضرورة لاغنى عنها لمقابلة احتياجات الأفراد والجماعات في أقصر وقت ممكن .
الفصل الأول
مرحلة رياض الأطفال
مرحلة رياض الأطفال في مملكتنا الحبيبة تتمتع بجو من التطور والمهارات الجميلة ، ولكن ينقصها أمر في غاية الأهمية وهو أن الطفل العربي يعيش فصام بين العامية والفصحى 00 فيجب أن يتقن أطفالنا الفصحى في مرحلة الروضة والتمهيدي حتى يسهل عليه التعليم في المرحلة الابتدائية ، فقد يجد الطفل بعض الصعوبة في البداية ، ولكن بالمواظبة والتوجيه ، واتصال المعلمة بالبيت ليُخاطب الطفل ببعض الكلمات والجمل باللغة الفصحى ، وقد جُربت هذه الطريقة حتى مع أطفال في سن الخامسة فكانت النتيجة مذهلة .
فعندما تتلقف روضات الأطفال الطفل من سن الثالثة يكون الحديث داخل أسوار الروضة بالفصحى تماماً ، ويختار المعلمات المؤهلات لذلك .
وهذا الحل مجرب فقد اثبت نجاحاً باهراً في روضة ( الأزهار العربية ) في دمشق فهي تقوم على هذا المبدأ وهذا يجعل الطفل يتذوق كتاب الله ويستشعر حلاوته ويسهل عليه حفظه ومراجعته ..
بحث ذو مغزى
مدرسة أمريكية تقوم بتدريس اللغة الانجليزية لغير الناطقين بها ، وقد لاحظت أن الأطفال العرب بالذات يفرون من القراءة بشكل ملحوظ مقارنة بأقرانهم من الاعراق الاخرى .. ولما أعياها البحث عن السبب توجهت من خلال شبكة الإنترنيت بالسؤال الآتي :
لماذا لايحب العرب القراءة ؟
وقد قام أحد الفضلاء بإجابتها ؛ حيث شرح لها الفصام الذي يعيشه الطفل العربي بين العامية والفصحى .
فعزمت على أن تعد رسالة ماجستير بعنوان :
( أثر تعليم الفصحى قبل السادسة عند العرب على التحصيل الدراسي )
وأخيراً : فهناك مكسب ثمين من وراء تعويد اطفالنا على الفصحى في سن مبكرة يفوق كل ماسبق .
الفصل الثــــاني
المرحلة الإبتـــدائية
إن مناهج التعليم صلبة لاتلبي مطالب المتعلم أو البيئة ، ويغلب عليها الطابع النظري وتهمل ميول الأفراد ، ومواهبهم .. وإن الامتحانات تدرب على التذكر ولاتستثمر إمكانات العقل الإنساني . وأياً كانت الحقيقة ، فإنها إدانة قوية للتعليم الحداثي الذي جر على أمتنا الويلات .
وعلى العموم فمرحلة نعمومة الأظفار هي مرحلة التلقي والمحاكاة وبناء الذات .
قال أحد علماء التربية : ( إذا أردت أن تعلم ابنك القيم ، والمثل ، والمبادئ ، فعلمه إياها في الوقت الذي لايناقشك فيه )
ويقول الأستاذ / أحمد إبراهيم : استاذ العلوم الطبيعية ، وهو داعية معروف :
إذا أضفنا إلى تجربتنا بأرض الواقع قول هذا العالم أمكننا الجزم بأن الالتزام بقيم ثابته ، نلقنها للمتعلم ، وندربه عليها ، ضروري في المراحل الأولى للتربية التي لايحسن فيها المتعلم الاختيار لقلة تجربته من جهة ، ومن جهة أخرى لاعتماده في الاختيار على التقليد ، أكثر من اعتماده على العقل المستقل .
علىأن نعطي له في مراحل متقدمة الاختيار بما لايتناقض مع جوهر مفهوم الحرية ، فلا يضر نفسه أو مجتمعه ، وصدق من قال : ( ومن يكن راحما فليقس أحياناً على من يرحم ) .انتهى .
ففي فرنسا مثلاً : يمنكك اختيار المعهد أو الكلية التي تدرس فيها بحرية في أي مدينة ، ولكنك إذا قبلت فإنك تتقيد بدراسة بعض المواد الخاصة بهذه المدينة المعمارية التي تلزم الدارسين بمعرفة مواطن الجمال فيها ، وتعليمهم كيفية المحافظة على رموز ذلك الجمال .
فالخطوة الأولى :وهي الخطوة المهمة في هذه المرحلة ، وخاصة في المراحل الثلاث الأولى ، لابد أن تكون المعلمات في هذه المرحلة ، ممن يحصلن على شهادة علم النفس ، فلا يستطيع التعامل مع هذه الفئة من الصغار إلا من كان ذا خبرة في التعامل مع هذه المراحل ، فلا أنسى تلك المعلمة التي طالبت بعمل وسيلة تعليمية ، وقمت أنا رغم صغر سني بعمل تلك الوسيله ، لكوني أتمتع بخط جميل ، ولكن بحكم سني الصغير لن ابلغ في عمل الوسيلة مبلغ الكبار ، وبمجرد عرضي لها في اليوم الثاني وسعادتي بعملي ، فلم تتم فرحتي حيث انهالت علىّ بصنوف الكلام الساخر ، ولاداعي لذكره .
وهذه المواقف مازالت تتكرر إلى يومنا هذا 0 ففي هذه المرحلة تتفتح مدارك الناشئة للحياة ، وهنا يحتاج إلى كثير من العناية بقدر مايطيق استعداده العقلي والنفسي ، وأن نبتعد عن أسلوب القسوة والضغط ، والتأنيب ، فقد ي*** فيه الشخصية ، ويضعف إرادته .
الخطوة الثانية :وهي مهمة جداً : أن نقضي قضاءً تاماً على الحصص الروتينية التي تعتمد على الشرح ، والتوبيخ ، والأسئلة ، وأن تعتمد الحصص على الحوار الهادئ ، والنقاش الهادف .
الخطوة الثالثة :أهمية الوسائل التعليمية :
الوسيلة التعليمية ليست مجرد وسيلة إيضاح أو وسيلة معينة ، ولكنها جزء لايتجزأ من إجراءات عملية التدريس ، وهي تمثل خطة الدرس محورياً للوصول من الأهداف المكتوبة إلى الأهداف المرئية .. والوسيلة التعليمية ليست ترفيهاً للطلبة ، وليست افتعالاً إضافياً نتباهى به أمام الزائرين في غرفة الصف ، ولكنها خطوة ، أو مرحلة أساسية في سياق إجراءات التدريس وبدونها يتطلب الأمر تعديل الإجراءات ، وربما تعديل الأهداف أيضاً .
ويمكن تصنيف الوسائل التعليمية إلى :
وسائل سمعية : كالتسجيلات الصوتية .
وسائل بصرية : كالمناظر الطبيعية ، والنماذج المجسمة .
وسائل سمعية بصرية : كالفيديو والشرائح .
وسائل لمسية : وهي وسائل مهمة في دراسة العلوم مثل : أملاح خشنة وملساء أو سوائل لزجة .
وسائل شمية وذوقية كالعطور والحوامض القلوية .
لوحات الحركة الوهمية .. وهكذا .
فأياً كان نوع الموقف التعليمي فإن الإنسان كان معلماً ، أو اختصاصياً ، أو طالباً يتفاعلون جميعاً بشكل ظاهر ، أو خفي مع المواد والآلات التعليمية ، ويكون جواً تدريسياً معاصراً يقطع رتابة الموقف التدريسي التقليدي الذي ألفناه في الماضي .
والخطوة الرابعة :أن تلغى مادة العلوم في هذه المراحل الأولى ، وتنقل بعض منها إلى مادة القراء ، على هيئة قصة ، أومادة إعجازية على أن تسرد بشكل مؤثر جذاب .
الخطوة الخامسة :تكثيف مادة القراءة وتحسينها ، فإننا نعاني من أزمة حادة وهي عزوف أبناءنا عن القراءة مما أدى إلى اضطراب في التفكير العام ، وسطحية مفرطة وضحالة علمية حجبت منافذ البصيرة .
فيجب علينا ترويض الناشئة ، وقسرهم على القراءة لبناء تلك الخلة الكريمة خاصة عند نعومة الأظافر وبداية الطلب .
وقد اشتهر عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي صاحب الكتاب العظيم [ الجرح والتعديل ] بملازمة لوالده ، وكثرة أخذه عنه وكان يقول :
( ربما كان يأكل وأقرأ عليه ويمشي وأقرأ عليه ويدخل الخلاء وأقرأ عليه ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه ) سير اعلام العلماء
فهنا مثلا تقوم معلمة بتوزيع قصص على الطالبات وتطلب منهن في نهاية الاسبوع أن تقص كل طالبة القصة التي قرأتها وبهذا تتكون لديهن هذه العادة وتصبح ملازمة لهن فتستنير الأفئدة ويستقيم الفكر .
الخطوة السادسة : الكتابة :
لو أردنا أن نقرأ مكتوباً لطالبة جامعية ، لاحتجنا إلى الشفرة لنترجم معانيه .. وما ذلك إلا نتيجة تدهور مادة الخط في المراحل الأولى من الدراسة ، وعدم الاهتمام بهذه المادة .
فلابد أن تُكثف هذه المادة بحيث تخصص لها كل يوم حصة منفردة ، حتى تأخذ هذه المادة نصيبها من الاهتمام وإليك هذه الأمثلة :
تقوم الطالبة بكتابة الحرف بثلاث مقاسات من الأقلام المقصوصة ( أقلام الخط )
الأمثــــــــــلة :
أ ب ت
أ ب ت
أ ب ت
بمعنى تدريسهن الخط العربي من السنوات الأولى ، فالأنامل الطرية يسهل تشكيلها وترسيخها ، وهنا سيكون رصيد الطالبة في الصف الرابع رصيداً متزايداً منمقاً رائعاً ، ونكون بذلك قد قطعنا شوطاً كبيراً تزول معه جميع العوائق في السنوات التالية .
الخطوة السابعة : تعليم اللغة الإنجليزية :
على أن تكون محادثة فقط ، مثلاً : تعلم الحروف بطريقة أنشودة ، وتعلم الكلمات فقط بطريقة الصور دون اللجوء إلى الكتابة ، أو القراءة .
المرحلة الثانية
وهي من الصف الرابع إلى الصف السادس
في هذه المرحلة إلى مرحلة الثانوية لابد من إدماج القيم الإسلامية في مختلف المواد الدراسية . ثم لابد من اتباع مسلك السلف الأوائل الذي كان يمزج بين الحفظ والفهم ، إذن لابد من استثمار ملكة الحفظ إلى أقصى حد ممكن ، وفي الوقت نفسه لابد من استثمار ملكة الفهم إلى أقصى حد ممكن .
الخطوة الأولى : مادة القرآن :
كثيرة كثيرة هي المشاهد الكونية التي جاء بها القرآن الكريم ، ودعا الناس إلى الوقوف أمامها ، فالقرآن لم ينزل لمجرد التلاوة ، وإنما لتُملى آثاره في النفوس ، ومن ثم في المجتمعات ..
أما في مدارسنا فحصص القرآن هي حصة للنوم ، فترى رؤوس الطالبات تخفق من النوم وقد علاهن الممل .
وإذا كانت تلاوة هذه الآيات الكريمة من العبادة ، فإن من العبادة أيضاً ـ ومن باب أولى ـ العمل بما جاء بها من نظر ، وتدبر ، وتفكر .
قال تعالى ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها ) سورة محمد آية (24 )
فمن المفترض أن يُؤخذ القليل من سور القرآن ، على أن يُقرأ بالتجويد ، مع تفسير الآيات تفسيراً مبسطاً ، مع بيان معجزاته ، وبهذا تستقر حقائقه في نفوس الصغار ، وحثهن على العمل بها .. فإذا وقعت العناية بكتاب الله ، خرج لنا جيلاً يؤمن بالله حق الإيمان ، ويحمل هم هذا الدين ، ويواجه تحديات هذا العصر .
مثال : قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) سورة الذاريات آية ( 21 )
بعد تدقيق النظر في الأنفس ، تبين أن الإنسان ـ عالم قائم بذاته ـ إن عالم الحيوية فيه وتنوع الأعمال التي تقوم بها أعضاء الجسم وأجهزته تحتاج إلى نظرة وتدبر، وهنا يخشع القلب حينما تتفتح له آفاق العلم ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )
الخطوة الثانية :
المواد الدينية :أشرف العلوم وأعلاها قدراً هي العلوم الدينية لما لها من تنمية الجانب الروحي فهي جديرة بأن تنال المزيد من الاهتمام ، إضافة إلى تطوير الوسائل التعليمية كعرض مناسك الحج بفيلم وقائعي مثلاً . وأن تكون مادة الفقه على هيئة أسئلة وأجوبة ليسهل حفظها ، وتطبيقها .
الخطوة الثالثة : مواد اللغـــــة العربية :
عقد بعض المختصين مقارنة مفيدة بين عدد حصص اللغة العربية ومايتعلق بها في بعض الدول العربية من الصف الأول المتوسط وحتى الثالث الثانوي وبين عدد اللغة الإنجليزية في بريطانيا ( ليس هناك فصيح وعامي في الإنجليزية ) في الفترة ذاتها فوُجد أن عددها في الدول العربية تتراوح بين 1050 و 1250 حصة ، بينما لايزيد عددها عن 850 حصة ، وبإجراء حسابات مباشرة تبين أن الفارق يتمثل بما يعادل ثلاث ساعات أسبوعية على مدى ست سنوات ، وهذه الساعات الثلاث يقضيها الطفل العربي في تعلم قواعد لغته ، بينما تتاح للطفل الإنجليزي الفرصة لاستثمارها في دراسة موضوعات أخرى .
فمادة الإنشـــاء مثلاً تحتاج إلى تطوير ، وتقوية من الناحية الأدبية ، والا تعتمد التلميذة على الأهل ، بل تكتب المادة أثناء الحصة ، ثم يتم إكمالها في المنزل .. ويجب ألا يطبق موضوع التعبير على الطالبات جميعهن ، بل يكون حراً من كتابة قصة ، إلى شعر ، إلى نثر ، كل حسب رغبتها ثم تنمى كل موهبة حتى تصل إلى أعلى مستوى ، مع التشجيع الدائم بتسميتهن :
الشاعرة فلانة ، الكاتـــبة فلانة ، والخطيبة فلانة ، لغرس الثقة في نفوسهن ، وان يكن لهن أوفر الحظ والنصيب في الإذاعة المدرسية التي تفقد التوجيه الديني والتربوي ، وقليل هن اللاتي يعرفن قيمة هذا النشاط المدرسي ، ومدى أثره في نفوس الصغيرات .
الخطوة الرابعــة : مادة اللغة الإنجليــزية :
في هذه المرحلة نبدأ بكتابة الحروف ، ثم كتابة الكلمات ، ثم كتابة جمل بسيطة ، وياحبذا لو يسر الله وكانت معلمة المادة أمريكية مسلمة ، لتتلقى الطالبات المادة بمستوى جيد ، فتدريس اللغة الإنجليزية لدينا عقيم جداً ، وهي ظاهرة ملموسة لكل ذي لب ، فلم أنسى عندما كنا في المرحلة الثانوية فالغالبية العظمى ( كالأطرش في الزفة ) ، ومانحن إلا كالغراب الذي أراد أن يقلد الحمامة ، لاهو تعلم مشية الحمامة ، ولاهو حافظ على مشيته .. وتعليم اللغات من سنن الإسلام ، وقد سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الانتفاع بهذا العلم ، فأمر كاتبه زيد بن ثابت لتعلم ( السريانية ) قال زيد :
فتعلمت له كتاب يهود بالسريانية .
الفصل الثالث
المرحلة المتوسطة
تحتاج برامج التعليم في هذه المرحلة إلى إشراك فئات واسعة من خبراء في هذا المجال .. وتوجهات جديدة مثيرة في النشاط التعليمي ، وعلى العموم نعتبرها محطة مهمة جداً لمحاولة ترسيخ وهيمنة النظرة التربوية الإسلامية على جميع المواد العلمية ، والثقافية ، والأدبية .
والحقيقة أن محاولات الدخول إلى العقل الإسلامي بقيم العولمة من بوابة الفكر والثقافة ، والتي لم تعد تحتاج إلى جهوداً أجنبية ، حيث هناك من بني جلدتنا من يتولون الدعوة الصريحة لها ، وهذا المدخل يعود أساساً إلى غياب الوعي والإدراك الكامل لمفهوم التبعية في مختلف شؤون الحياة ، وخاصة العملية التعليمية .
فنظراً للتيارات العلمانية ، وسيطرة القنوات الفضائية ، يجب علينا اتخاذ أسلحة عظيمة مضادة لهذه التيارات لينشأ لدينا جيلاً متديناً يعتز بعقيدته ودينه وكتابه، ولكي تزرع الأرض البور ، طهرها من الآفات ، وامنع عنها المهلكات ، ثم ازرع فيها ماتشاء ، وطب نفساً بما تجني يوم الحصاد ..
فالخطوة الأولى مثلاً :
إضافة كتاب ( كيف تدعو إلى الله ) وبهذا تتعلم التلميذة قضية من أهم القضايا التي يكثر حولها الجدل ، قضية واجب المسلم ، وضرورة العمل الجماعي ، والمجاهدة ، وفرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ولذلك كان بين الدعوة والإرشاد ، وبين التنظيم والتربية صلة قوية وارتباط وثيق ، فلا توجد التربية والتنظيم بدون الدعوة ، كما أن من المستحيل بلوغ الدعوة إلى غايتها المنشودة من غير تربية وتنظيم ، ويستمر هذا المنهج من المرحلة المتوسطة وحتى المرحلة الثانوية .
وهنا لابد من تبليغ القيم والمفاهيم الدينية والتربوية بعيداً عن الأسلوب التقليدي الذي يعتمد على الحفظ المجرد ، ويعتمد على النظريات البالية .
ومن ثم تعويدهن على إلقاء الدروس والمحاضرات حتى يمتلكن الجرأة والفصاحة والثبات على الحق ، فهو عامل اساسي من عوامل النجاح .
الخطوة الثانية :
إضافة مادة ( الإعجاز العلمي ) في القرآن ـ بحيث يكون مختصراً مفيداً .
إضافة كتاب عن ( الحجاب ) لبيان أهميته وعظمته ، وأنه من الأمور الدينية التي لايمكن التنازل عنها ، مع بيان تاريخ الحجاب في الدول الإسلامية ، وكيف كان ، وكيف أصبح بفعل ( المؤامرة على المرأة المسلمة ) كجزء من مشروع استعماري شامل لتغيير وجه الحياة في بلادنا ، وا***اع المجتمع الإسلامي من جذوره .
في هذه المرحلة : هناك أمور لابد من الاعتماد عليها :
1)إدراج القيم الإسلامية في جميع المواد الدراسية ، فالطفل إذا صحت عقيدته كمل بناء شخصيته وصحت نظرته إلى الحياة والكون .
2)رصد حاجيات المتعلم المناسبة له .
3)مخاطبته بالوسائل التي يفهمها .
4)إيصال هذه المفاهيم بالوسائل المبنية على الحوار والنقاش والاقناع .
ولهذا يٌقال : إذا أردت أن يُرسخ الدرس في أذهان الطلاب فاشرحه بطريقة غير مألوفة ، وطرق التدريس متنوعة ، إلا أن المعلمين في مدارسنا لايستخدمون غالباً إلا الطريقة الإلقائية وهي مع جودتها في بعض الدروس إلا أنها ليست الطريقة المثلى ..
الخطوة الثــــــالثة :
مادة التاريخ : هذه المادة لم ينل فيها التاريخ الإسلامي حظاً ، فقد شُوهت من قبل الإعلام الذي رسم صوراً ساقطة عن كبار الفاتحين ، وعن الخلفاء الراشدين .. وهو جدير بأن يُعظم ليعود هذا الجيل للاعتزاز بماضيه ، دون الاقتباس بكتب المستشرقين .
وهنا لابد من دراسة تاريخ علماؤنا المسلمين الذين لم نعطيهم حقهم ، فلو سألت طالبة عن الإمام مالك ، أو عن ابن النفيس ، أو عن رجاء بن حيوة لن تجد من يجيب ، فما أجدرنا بدراسة هذا التراث العلمي العظيم ، الذي خلفه لنا هذا السلف لتصحيح تاريخنا العلمي والإسلامي ، ومانشك أن تاريخنا سيكون دفعة قوية لنهضتنا الحاضرة .
فلو قُسم التاريخ خلال المراحل المتوسطة الأولى :
تاريخ الصحابة ـ تاريخ التابعين ـ تاريخ المملكة .
الخطوة الرابعة :
مادة الجغرافية : هناك برنامج يُبث من خلال إذاعة القرآن الكريم ، لأحد مشايخ الرابطة الإسلامية ، بطريقة جذابة ومشوقة ، يشرح من خلاله الدول التي يزورها وعاداتهم وتقالديهم ، فلو اعتمدنا في مادة الجغرافيا على الوسائل المرئية ، ستكون مادة محببة إلى النفس ، وسوف ترسخ في أذهان الطالبات ، ومن المعلوم أن الأفلام يمكنـــها اختصـــار المعارف وتلخيصهـــا .
الفصل الرابع
المرحلة الثانوية
من خلال المتابعة في المرحلة المتوسطة ، سنكتشف ميول الطالبات ، وهنا بيت القصيد ، فتكون المرحلة الثانوية مرحلة تخصص ، فالطالبة في هذه المرحلة ينبغي أن يتوجه التكوين لديها إلى المجال السلوكي ، والمجال الوجداني ، بحيث أنها في مرحلة تشكيل التصورات والمفاهيم ، وصنع الاتجاهات .
التعليم الثانوي يعتبر عنق الزجاجة البالغ الضيق ، فيما يتعلق بسد النقص الشديد في القوى البشرية العالية المستوى بمختلف أنواعها ، ورفع مستوى التعليم الثانوي وتنويعه ، وتوثيق ربط التدريب المهني ، وإنشـــاء معاهــد البحث .
فمن الأسباب التي لها أثرها القوي في إضعاف الفاعلية التعليمية ، وفي إعاقة إحراز النتائج عدم التخصص ولاشك أن تزايد المعلومات وتسارعها أدى إلى تضاربها .
وهنا لابد من ملاحظة الفوارق بين الأجيال ، وأن نميز دائماً بين الثوابت والمتغيرات ، وتكون كل موهبة جسدية لدى الطالبة ، وكل موهبة ذهنية ، تنشأ وتقوى ثم تبلغ ذروتها وأوجها ، وهناك أمور لابد من الاعتماد عليها لإنجاح العملية التعليمية في هذه المرحلة :
1)النهوض بالعملية التعليمية من خلال خطط متكاملة ، مع الحرص على حسن التخطيط0
2)تنمية المهارات وبرامج التدريب 0
3)التشجيع على الإبداع والابتكار 0
4)تحويل المناهج النظرية إلى مناهج عملية تطبيقية 0
5)استحضار الهدف الأسمى والوسيلة إليه ، فمن عرف شرف مطلوبه هان عليه مايجد في سبيله 0
فكم ينقبض قلب المرء حينما يرى تقدم الأمم ، والمسيرة التعليمية لدينا تُؤخذ بعين الغفلة والرتابة في التفكير ، والاكتفاء بالنظر إلى سطحيات الأمور وظواهرها ، دون التعمق في جوهرها .
وإليك هذه الإحصائية :
بلغت نسبة المتعلمين في العالم العربي 51% ، وفي الدول الصناعية المتقدمة 99% . كما يبلغ عدد الجامعات في العالم العربي حتى عام 1996 م ، 130جامعة ، وبلغ عدد الباحثين في الولايات المتحدة 400000 عالم ، وباحث ، وفي أوروبا 150000، وفي العالم العربي 8100
مجلة الدعوة العدد (1699) .
وبهذا نحن نريد الطالبة المتمكنة من العلوم الشرعية والثقافية والأدبية ، المطلعة على ثقافة العصر .
الخطوة الأولى :اليوميات والمذكرات ، والسير الذاتية نماذج من طرائق تدوين التاريخ ، ونقل التجارب ، وتبادل الخبرات لها كثير من المزايا والخصائص ، والآثار العلمية ، والنفسية ـ ألم يكن رسول الله يحدث أصحابه كثيراً ( كان فيمن قبلكم ) ـ ألم نأخذ عشرات الفوائد والدروس والعبر من رواية ( كعب بن مالك ) رضي الله عنه ، لقصة تخلفه عن تبوك .
فلنكون لها حصة في الأسبوع تتحدث كل طالبة عن موقف حدث لها ، فتطرح المعلمة حلاً لذلك الموقف ، وبذلك تسهم في ترشيد الطالبة ، وسنرى نتائج مشجعة ومبهجة ، في التنفيذ ، والأسلوب والمضمون .
فإن جملة مانهدف إليه تكوين اتجاهات معينة لدى التلميذات ، وإزالة وتعديل اتجاهات أخرى .. فالمفترض أن لايقتصر دورالمعلمة من خلال مقرراتها على تقديم المادة العلمية فقط ، بل لابد أن تزرع فيهن اتجاهات موجبة : كالصدق والعفة ، والدقة في إنجاز العمل ، والمحافظة على النظام والأمانة ، والاعتزاز بالدين ، وأن تسعى إلى اجتثاث اتجاهات سلبية ، كالتقليد والتبعية ، والكسل والانطواء على الذات والهزيمة النفسية .
الخطوة الثانيــــــة :
تقسيم المواد ، ومن ثم إطلاق الطالبات بعد ذلك أحراراً ـ بالفعـــل ـ في اختيـــار المادة التي يرغبنها بمحض اختيارهن ، دون إجبارهن ، بل كل حسب حبها وتمكنها من أداء مادتها على أكمل وجه : ( وهذا حلم عظيم عسى الله أن يحققه )
قسم الدراسات الإسلامية وعلوم القرآن ، والدعوة .
قسم اللغـــــة العربية ، والأدب العربي . مع تذوق الأدب الإسلامي .
قسم العلوم ، وما يتبعها 0وربطها بالإعجاز العلمي .
قسم الفنون ، والاقتصاد المنزلي .
قسم المواد الاجتماعية ، وأن تعتمد على المنظور الإسلامي .
قسم التاريخ الإسلامي ، والجغرافيا .
قسم اللغة الإنجليزية ، والابتعاد عن الأدب الانجليزي ، واستبداله ببرامج اسلامية . كدراسة كتب الشيخ ( أحمد ديدات ) الذي قضى عمره في دعوة النصارى إلى الإسلام ، ومناظرة كبار القسيسين0 لتتمكن الخريجة من أن تصبح داعية إلى دينها .
وفي هذه المرحلة لابد من بيان مخاطر العلمانية ، وقيادة الغرب للعالم في المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية ، وبيان الآثار في الواقع ، وأن ذلك ثمرة لحيدة البشرية عن مصدر الهدى والرشاد ، وأن المشكلة الرئيسية التي تحول بين التعليم والمعالجة الصحيحة لقضايا الأمة المصيرية هي تغلغل الفكر العلماني ، وفرضه في معظم جوانب العملية التعليمية ، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى إحباط الفهم الحقيقي ، وإهمال وتهميش أي محاولة لدفعها نحو التقدم .
وهنا لابد من إفهام التلميذات قوانين العولمة ، وتعريفهن بإسلوب مكثف كيفية مواجهة تحدي المحافظة على الهوية الإسلامية والثوابت العقدية والثقافية مع معايشة العصر بفكر متفتح ورأي مستنير وسلوك رشيد .
ومن ناحية وسائل الإعلام التي باتت تتحمل المسؤولية العظمى في تقليل دافعية التلاميذ للتعلم ، فهنا مسؤولية البيت تصبح عظيمة في القضاء على هذه المدمرات وذلك بالتعاون بين المدرسة والبيت والمناهج التعليمية لتشن حرباً إبادية على هذه الملهيات التي باتت جاثمة على عقول ابناءنا وبناتنا .
هذه من ناحية التلميذة ، أما من ناحية المعلمــــة فيجب أن يُخصص لها وقتاً كافياً للتخطيط والإبداع ، لتواكب مـا يدور حولها من العالم ومن ثم تستطيع أن تبتكر وتبدع ، وألا نثقل رأسها بأمور سطحية تشتت أفكارها ، وتبعدها عن الأداء الجيد ، فتشرع من مشروع تلو آخر دون أن تعطي كلاً حقه من الاهتمام والمتابعة ، لتُمسي فريسة سهلة للإخفاق .
فهي قد لاتحتاج إلى جهود عملية كثيرة ، ولكنها ـ بلا شك ـ بحاجة إلى اهتمام وتركيز لايتوفران لمن يتشتت في أكثر من اتجاه ، فالتغيرات الثقافية ، والتعليمية تختلف بين يوم وليلة ، ومستلزمات الشخص وذاته وواجباته قد أصبحت تتطلب حظاً من الوقت أوفر ، وكماً من العناء أكبر .
فقد وصل الحال بغالبية معلماتنا إلى التثاقل والممل ، ولست ألومهن ، فإذا أردت أن تطاع ، فاطلب المستطاع .
الفصل الخامس
المرحلة الجامعية
لن أتطرق في هذه المرحلة للتدخل في المناهج ، أو طريقة التدريس ، رغم أن أموراً جمة في هذه المرحلة ليست على مايرام ، ولكني سأطرح محاولة اجتهادية اشير فيها لبعض عوائق التقدم ، وأسباب التخلف والتأخر التقني في عالم المسلمين المعاصر :
1)الأمية المنتشرة بين المسلمين ، وتمزق العالم الإسلامي .
2)إهمال الدراسات التقنية في دول العالم الإسلامي ، واعتمادهم على الغرب والشرق في ذلك لعدم توفر وسائل البحث العلمي والتقني من الأجهزة والمواد والقوى الفنية .
ولم أنسى قصة لإحدى صديقاتي ، التي قام زوجها الطبيب بعمل بحث عن ( الحساسية ) وضاعف جهده وانتاجه في الحصول على المعلومات ، وسعى فيه بروح عالية ليعود على امته ومجتمعه ووطنه بالخير ، وكانت النتيجة مريرة ، مبادرات جافة : لاتشجيع للبحث ، ولاتقدير للجهد ، وانعدام الشعور بالمعنى الحقيقي لمستوى التطور بما يخدم البشرية جمعاء ، وهاهو لم يفكر إطلاقاً بتنفيذ أي بحث آخر .
إن قيمة احترام العمل وتقديره وإتقانه والنظر إليه ، سبب رئيسي وطريق قوي لبناء الاقتصاد والتقدم العلمي ، ومن أهم أسباب التطور التقني المعاصر ، وهنا لابد من إنشاء معاهد البحث في المجالات العلمية ، والفنيــــة ، كالعلوم الطبيعية ، والبيولوجية ، والهندسية ، والزراعية .
3)عدم تحقيق مبدأ الكفاية ، وهو مايعوق سرعة عمليــــة التنمية ، بمعنى أن يرتبط تخطيط التعليم الجامعي ارتباطــاً سليماً باحتياجتنا من الأيدي العامـــلة ، لكي لاتواجه البلاد بتخريـــج أعداد من تخصصـــات لاتدعو إليـــها حــاجة ، وتخصصـــات تشكو من النقص .
4)عدم استثمارات التعليم للدراســـات العمليــــة والمهنية الذي يؤدي إلى زيادة الإنتـــاج ، ورفع مستوى المعيـشــة .
5)عدم مواجهـــــة التعليم للنقص الشديد في سائر فئات الفنيين والمهنيين ، الأمر الذي يتطلب استيراد هذه المهارات من الخارج .